المقاطعة أوجعت المُجرمين فارتفع صوت العواء

 

حمد الناصري

تمكنت المُقاطعة الشعبية عربيًا وعالميًا خلال السنتين الماضيتين من زمن الحرب الصهيونية الشّعواء على أهلنا في غزة من الأضرار بالشركات الداعمة لإسرائيل بشكل لم يسبق له مثيل مما اضطر تلك الشركات ولأول مرة من أن تعترف بقوة وتأثير تلك المُقاطعة على قيمتها السوقية وتداول سلعها وخدماتها. وأثبتت الأصوات الحرة حول العالم أنَّها ليست مجرد مواقف؛ بل أفعال مؤثرة من خلال المقاطعة الشاملة لمنتجات وخدمات كل الشركات التي أعلنت دعمها للعدوان الصهيوني وسياسة حكومته.

ولم يأتِ استهداف تلك الشركات والمؤسسات عن فراغ أو بلا دليل؛ بل تمّت إدانتها شعبيًا من خلال مواقفها العلنية التي تُساند الكيان الغاصب لأرض فلسطين مما اضطرّ كثيرا من الدول والمنظمات أن تتضامن معها وتغير سلوكها، سواء بالاحتجاج أو الامتناع عن البيع والشراء ونجحت لأول مرة منذ تأسيس الكيان الصهيوني من حول العالم تغيير سُلوك وقناعات الأفراد والمنظمات والشركات أخلاقيًا وسياسيًا وتسببت بخسائر هائلة للشركات الداعمة لذلك الكيان.

فعلى سبيل المثال تكبّدت شركة ستار بكس الأمريكية خسائر غير مسبوقة بفعل المقاطعة حيث تمّ إغلاق 400 فرع لها حول العالم، في أمريكا وكندا وأوروبا، ويقول برايان نيكول الرئيس التنفيذي لستار بكس: "المقاطعة أمر مؤسف حقًا لأنها أضرّت بالعلامة التجارية، والشركة قررت تسريح مئات الموظفين حول العالم، ذات الأداء الضعيف، وكانت أول خطوة لها تسريح 900 موظف مع إلغاء الوظائف الشاغرة بهدف تبسيط العمليات وخفض التكاليف". وأردف نيكول "الأمر المُخيب للآمال هو عدم استناد المقاطعة إلى أية معلومات دقيقة أو صحيحة وكما تعلمون نحن لم ندعم أيّ جيش. مما دفع الشركة إلى اتخاذ قرار إعادة الهيكلة الأمر الذي سيكلفها مليار دولار. لتغطية تكاليف إغلاق المتاجر".

وأحدثت المقاطعة هزة اقتصادية كبرى أجبرت كُبْريات الشركات مثل كارفور وكنتاكي وبيتزا هت ومكدونالدز على إغلاق المئات من فروعها حول العالم بالإضافة إلى الضرر الهائل الذي أصاب الاقتصاد الإسرائيلي.

ومن جانب آخر تهاوت أسهم شركات مثل "مايكروسوفت" و"إنتل" و"كارفور" و"شيفرون" وغيرها المتورطة في دعم إسرائيل وإدامة منظومتها إلى الحضيض وبنسبة بين 10-15% من قيمتها وخسرت عشرات المليارات من قيمتها، مما جعلها عرضة لخسائر مفتوحة تداعت أسعار الأسهم في الأسواق العالمية من جراء الخسائر المالية حيث تواجه الشركات الكبرى العالمية اتهامات مُتزايدة بالتورط في دعم إسرائيل مما جعلها عرضة لإجراءات المقاطعة.

ومن جانب آخر تراجعت السياحة الوافدة إلى إسرائيل بنحو 70% خلال العام الماضي، مقارنة مع 2023، بحسب مكتب الإحصاء الإسرائيلي، حيث انخفضت إلى 952 ألف سائح في 2024، بعدما كانت 3 ملايين سائح خلال 2023.

الخلاصة.. منذ أكتوبر 2023 وإسرائيل ترتكب مجازر القتل والإبادة الجماعية والتجويع المُستمر مُتجاهلة النداءات الجماعية وأوامر محكمة العدل الدولية، واستمرّت في عملية الإبادة الجماعية.. ولأول مرة بدأت تحسّ بألم وتأثير أعمالها الهوجاء؛ حيث تم إدراج مُصطلح المقاطعة بشكل صريح في التقارير السنوية للشركات المُستهدفة؛ مما اعتبرهُ خبراء دوليون مؤشرًا لتأثير حملات المقاطعة على سُمعة الشركات ومكانتها في الأسواق العالمية. لذا فإنَّ المقاطعة أصبحت توجع المجرمين فارتفع عواؤهم. فلنستمر مُقاطعين وهو أدنى ما نقدمه من دعم لأهلنا في فلسطين.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة